إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح لمعة الاعتقاد
196053 مشاهدة
التشكيك في صفات الله

ولكن لما جاءهم من يشكك في هذه الصفات التي هي صفات الكمال عند ذلك تغيرت فطر كثيرٍ، فنشأ أول من أظهر هذه العقيدة الزائفة التي هي إنكار صفات الله -عز وجل- رجل يقال له الجعد بن درهم خيل إليه أن الله تعالى ليس بمتكلم، وأنه لا يكلم أحدا، فأنكر أن يكون الله كلم موسى تكليما، وأنكر أن يكون القرآن كلام الله، ثم خيل إليه أيضا أن الله لا يتصف بصفات الكمال ومن جملتها المحبة والخلة، وأظهر بأن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا يعني محبوبا له، وأن الله لا يحب المتقين، ولا يحب المحسنين، ولا يحب المؤمنين، وهكذا أيضا أنكر صفات الله بأكملها التي هي صفات فعل، فلما أظهر ذلك عرف بأنه ضال مضل فقتله أحد الأمراء لهذا السبب، الذي قتله خالد القسري لما أظهر ذلك وأصر على هذا الاعتقاد.